موضوع: معنى قوله (ع) "اللهم العن بني أميَّة قاطبة" الخميس ديسمبر 25, 2008 11:44 pm
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
في زيارة عاشوراء اللهم العن بني أمية قاطبة ؟ فما رأيكم في عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي هل هو مشمول باللعن أيضاً؟
نعم هو مشمول باللَّعن الوارد في الزيارة وغيرها من الروايات الواردة في لعن بني أمية قاطبة، والمستثنى من هذا اللعن منهم هو مَن كان إيمانه مُحرزًا، فإنَّ من المقطوع به أنَّ المراد الجدّي من هذه الرواية وغيرها هو غير المؤمن من بني أمية.
نعم، المشكوك في كونه مؤمنًا أو غير مؤمن يكون مشمولاً للّعن؛ وذلك لأن القضية في هذه الرواية من القضايا الخارجية التي يتكفَّل المتكلِّم فيها بإحراز الموضوع بنفسه، أي إنها ظاهرة في أنَّ الإمام إنّما لعن بني أمية بعد إحراز أنَّ جميع أفراد هذه القبيلة مستحقّون للّعن لكونهم غير مؤمنين، فعليه كلُّ مَن وقع الشك في إيمانه من بني أمية يمكن استكشاف عدم إيمانه بواسطة مثل هذه الرواية بطريق الإنْ، فلأنَّه من بني أمية، ولأنَّ بني أمية ملعونون قاطبة، ولأنَّ اللعن لا يقع على مؤمن فهذا يكشف عن أنَّ هذا الذي نشك في إيمانه ليس مؤمنًا واقعًا.
وهذا الاستظهار هو شأن كل القضايا الخارجية المشتملة على التعميم، فلو قال القاضي مثلاً "عاقب أولاد زيدٍ قاطبة" فظاهر هذه الفقرة هو أن القاضي قد اطّلع بنفسه على استحقاق جميع أبناء زيدٍ للعقوبة، فلو وقع الشكُّ في استحقاق أحدهم بنظر القاضي للعقوبة فإن الخطاب الصادر عنه يكشف عن أنه مستحق للعقوبة بنظر القاضي، لذلك لا يصحُّ عرفًا للموظف بالتنفيذ أن يعتذر عن عدم معاقبته لأحدهم بأنه شكَّ في استحقاقه للعقوبة، إذ أن المتفاهم عرفًا من الخطاب المذكور للقاضي هو صلاحيته للكشف عن استحقاق كلِّ من شُكَّ في استحقاقه من أبناء زيد للعقوبة.
والمتحصّل أنَّ العموم اللفظي إذا كان مصوغًا على نهج القضايا الخارجية يكون صالحًا لاستكشاف شمول الحكم لكل فردٍ من أفراد موضوع الحكم. نعم، لا يكون الحكم شاملاً للأفراد المُحرَز خروجها من عموم الحكم بالاستثناء اللفظي أو اللبّي. وأما المشكوك خروجها عن عموم الحكم ودخولها تحت الاستثناء فهي مشمولة لعموم الحكم، وليس ذلك من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية؛ لأنَّ عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية إنما هو في موارد عموم الحكم المصوغ على نهج القضايا الحقيقية وليس القضايا الخارجية كما هو مورد البحث.
فلأنَّ قوله (ع) "لعن اللهُ بني أميَّةَ قاطبة" قضية خارجية ظاهرها اطّلاع الإمام (ع) على استحقاق كلِّ بني أمية للّعن. لذلك لو وقع الشك في إيمان أحدٍ من بني أمية فإن هذا الخطاب يكشف عن عدم إيمانه فهو يستحق اللعن.
هذا وقد ورد في الروايات عن الرسول (ص) والأئمة (ع) أنَّ الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو أمية، ولا يختص الشيعة بنقل هذه الروايات بل وردت من طرق السنّة أيضًا.
فمن ما ورد من طرق السنة ما ذكره السيوطي في الدر المنثور قال أخرج ابن مردويه عن عائشة أنها قالت لمروان بن الحكم: سمعت رسول الله (ص) يقول لأبيك وجدّك إنكم الشجرة الملعونة في القرآن.
ومنها: ما رواه السيوطي في الدر المنثور قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أن النبي (ص) قال: رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنَّهم القردة وأنزل الله في ذلك "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للنّاس والشجرة الملعونة في القرآن" يعني الحكم وولده.
ومنها: ما ورد في الدر المنثور قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله (ص): "أُريتُ بني أمية على منابر الأرض وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء"، واهتمَّ رسول الله (ص) لذلك، فأنزل الله "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن...".
ومنها: ما رواه السيوطي في الدر المنثور قال: وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أنَّ رسول الله (ص) أصبح وهو مهموم، فقيل ما لك يا رسول الله، فقال: "أُريت في المنام كأنَّ بني أمية يتعاورون منبري هذا"، فقيل يا رسول الله لا تهتم فإنَّها دنيا تنالهم، فأنزل الله "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة".
ومنها: ما رواه السيوطي قال: وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: رأى رسول الله (ص) بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله إليه: إنما هي دنيا أعطوها فقرَّت عينه، وهي قوله: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس" يعني بلاء للناس. وروايات أخرى كثيرة من الفريقين أعرضنا عن نقلها خشية الإطالة.
والمتحصَّل من مجموع ما ذكرناه أن عمر بن عبد العزيز الأموي مشمول للَّعن الوارد في الروايات، ويكفي لاستحقاقه اللعن تقمُّصه للخلافة الأموية وقبوله لأن يكون امتدادًا لهذه الشجرة الأموية في القرآن، وإنْ كان هو أحسنهم حالاً في الظاهر نظرًا لمنعه السبَّ عن علي (ع) على منابر المسلمين وإحسانه للناس.
هذا وقد ورد في بصائر الدرجات بسندٍ إلى عبد الله بن عطاء التميمي قال: كنت مع علي بن الحسين (ع) في المسجد فمرَّ عمر بن عبد العزيز عليه شراكا فضَّة، وكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه عليُّ بن الحسين (ع) فقال: "يا عبد الله بن عطاء ترى هذا المُترَف إنه لن يموت حتى يلي الناس"، قال: قلتُ هذا الفاسق؟ قال: "نعم، لا يلبثُ فيهم إلا يسيرًا حتى يموت، فإذا مات لعنه أهلُ السماء واستغفر له أهلُ الأرض". والحمد لله رب العالمين